يدعو الفنان أيمن زيدان في ورقة عمل بعنوان «الدراما التلفزيونية.. أوجاع وآفاق»، قدمها في ملتقى الدراما السورية الأول الذي عقد في دمشق 7 – 9 / 12/ 2009، إلى «ضرورة إخراج الدراما التلفزيونية» من نسق الفرجة المترفة إلى فسحة التعاطي الجدي مع مكوناتها الأساسية التي برعت طوال تاريخها الإنساني العريق في اختراق البنى الاجتماعية والسياسية ومن ثم إعادة تركيبها وإرجاعها من أجل رسم حياة أكثر عدلاً وأماناً.
بينما يكشف تقرير نشرته وكالة الأنباء الفرنسية تنظيم المركز الوطني للبحث العلمي في فرنسا في منتصف نوفمبر 2013، نقاشاً حول موضوع «كيف تغير المسلسلات التلفزيونية العالم؟» مشيراً إلى كيف انتقلت الرؤية الغربية من اعتبار المسلسلات التلفزيونية فترة طويلة وسيلة ترفيه من دون أي أهمية ثقافية، لتصير موضوعاً يناقش في الجامعات؟
ولكن هل انتبه كتاب الدراما العربية إلى مسؤولية الدراما التلفزيونية اليوم ودورها المجتمعي والثقافي، وهل ثمة من قرأ ما خلصت إليه الدراسات الغربية من أدوار جديدة للدراما التلفزيونية تتجاوز مهمة الترفيه..؟
حتى الساعة لا يبدو أن كتاب الدراما، معظمهم لا كلهم، يضعون في اعتباراتهم، تلك المسؤولية، أقله لم يدرج هذا الدور بعد في الحسابات الإنتاجية، وإذا ما افترضنا أن صناع العمل يضعون في اعتبارهم جملة من المعطيات الثابتة والمتغيرة وفقاً لمتطلبات السوق الدرامي، فإننا نادراً ما نسمع واحداً منهم يسهب في الرسالة المجتمعية التي يريد أن يوصلها العمل.
ربما يذهب البعض للقول إن الرسائل السامية هي ضمنية في أي عمل درامي، ولا يشترط الإشارة إليها في كل مرة، إلا أننا في هذا السياق نرى أن تساهلاً في التناول القيمي بدأ يطغى على الدراما على نحو لم تعد الرسالة القيمية تحتل العامل الحاسم في صياغة البناء الدرامي النهائي، فإثارة الحكاية ومتطلبات السوق والموضة وسواها عوامل أكبر تتجاذب الحكاية.
تلك هي القاعدة التي لا تبدو دراما 2018 بمنأى عن تداعياتها، بل للأسف ساهم في تكريسها نجوم كبار، كان يعول عليهم القيام بدور تنويري، أما الاستثناء الذي يشذ عن أحكام تلك القاعدة، فهو مسلسلات أقل من أن يتعدى عددها أصابع اليد الواحدة، حتى لو ادعى صناع مسلسلاتنا خلاف ذلك أو أوحت حكايتهم بقائمة طويلة من القضايا المهمة والإشكالية التي يتناولونها، فالبعد القيمي، الذي نعنيه، يحتاج إلى لبوس فرجوي شرطه المتعة، فلا خطابات المنابر تصلح لتكون حواراً في الدراما، ولا الفن يصلح أن يحل مكان مذيع نشرات الأخبار.
ما هو تقيمكم لموقع وجريدة الدبور